في خضم النقاش الوطني حول مراجعة مدونة الأسرة بالمغرب، تثار العديد من التساؤلات حول آثار التعديلات المقترحة على مختلف الأطراف، لا سيما الرجل، الذي يبدو أنه يواجه تحديات قد تؤثر على دوره الأسري والاجتماعي. ورغم الأهداف النبيلة لهذه التعديلات، التي تسعى لتحقيق التوازن والإنصاف، إلا أن انعكاساتها السلبية على الرجل تفتح الباب لنقاش عميق حول مدى العدالة التي توفرها هذه النصوص الجديدة.
- بين الحضانة والنفقة: مسؤوليات متزايدة
تعد الحضانة من أبرز المواضيع التي تخضع للتغيير، حيث أصبح بإمكان الأم الاحتفاظ بالحضانة حتى بعد زواجها. هذا التعديل، رغم أهميته في تعزيز حقوق المرأة، يثير مخاوف لدى الرجال من إقصائهم عن حياة أطفالهم، ما يحصر دورهم في الجانب المادي.
من جهة أخرى، تتجه التعديلات إلى تشديد إلزامية النفقة وزيادة قيمتها تبعاً للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية. ورغم أن هذا الإجراء يهدف إلى حماية حقوق المرأة والأطفال، إلا أنه قد يشكل عبئاً مالياً ثقيلاً على الرجال، خصوصاً في ظل غياب آليات رقابة واضحة على كيفية صرف النفقة.
- طلاق أكثر تعقيداً
مع تعقيد مسطرة الطلاق وزيادة شروطها، يجد الرجل نفسه عالقاً في نزاعات قانونية مطولة قد تُنهك نفسيته وتستنزف موارده المالية. كما أن النصوص التي تلزم الزوج بتوفير سكن للزوجة المطلقة قد تزيد من الضغط، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
- قضايا الإرث والعنف الزوجي
قضية المساواة في الإرث، التي لا تزال محل جدل مجتمعي واسع، تثير قلقاً لدى بعض الرجال من المساس بحقوقهم التقليدية. في الوقت ذاته، القوانين المتعلقة بحماية المرأة من العنف الزوجي، رغم ضرورتها، قد تُستغل أحياناً بشكل غير عادل ضد الرجل، مما يهدد بتفاقم النزاعات الأسرية.
- تداعيات نفسية واجتماعية
تشير آراء خبراء إلى أن هذه التعديلات قد تؤدي إلى تداعيات نفسية واجتماعية على الرجل. فالإحساس بالإقصاء من تربية الأبناء أو تحمل أعباء مالية متزايدة قد يدفعه نحو الشعور بالإحباط والضغط النفسي. كما أن تصاعد النزاعات الأسرية يمكن أن يؤدي إلى تآكل الروابط العائلية، مما يُهدد استقرار الأسرة المغربية.
- دعوات لإعادة التوازن
يرى عدد من المهتمين بالشأن القانوني والاجتماعي أن تحقيق العدالة بين الجنسين لا يعني بالضرورة تحميل طرف واحد عبئاً أكبر من الآخر. ويقترحون إعادة النظر في صياغة بعض التعديلات لتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، وتعزيز آليات الوساطة الأسرية لتخفيف النزاعات.
في النهاية، يبقى الهدف الأساسي من أي تعديل قانوني هو الحفاظ على استقرار الأسرة وضمان حقوق أفرادها. ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الهدف يتطلب صياغة نصوص تأخذ بعين الاعتبار مختلف الأبعاد النفسية والاجتماعية، بما يضمن العدالة الحقيقية لكل من الرجل والمرأة.